أولاد عبد الله في دمشق
أحفاد إدريس الأول ملك شمال المغرب مؤسس الدولة الإدريسية ومؤسس مدينة فاس
نسرد هنا بعضاً يسيراً من جوانب حياة جدنا حسن عبدالله وأسباب هجرته من الجزائر ونعرض بالتفصيل شجرة النسب التي أتى بها معه تاركاً خلفه جميع أهله في ظل الإستعمار الفرنسي في الجزائر ليبدأ حياة جديدة في دمشق.
قد يعتبر البعض أن شجرة النسب ليست بذات قيمة، ولكن إن أمعنا النظر وتأملنا تلك الوحشية الممنهجة التي سلكها المستعمر الفرنسي لمحو هوية وتراث الجزائر ولتغيير الأسماء والأعراف والمعتقدات، لفهمنا لماذا سلك هذا الصبي اليتيم درب الهجرة الشاقة وبحوزته فقط مخطوط فيه أسماء أجداده وقصص حلِّهم وترحالهم وتاريخهم، مكتوب باللغة العربية، تلك التي أعلن الأوروبيون حربًا ضروسًا عليها وعلى الثقافة الإسلامية.
كما نبرز هنا بعض الصعوبات التي كان عليه تحملها في تلك الأوقات العصيبة، كاضطراره للتعامل مع السلطات المحتلة بلغتهم التي لا يفهمها، أو لاضطراره للخدمة في جيشهم المحتل في سوريا، أو التعامل مع محاكمهم وقوانينهم المفروضة عليه. كل ذلك كان في زمن مليء بالأحداث الجسام كانهيار الإمبراطورية العثمانية و قيام الحربين العالميتين وانتشار الفقر والعوز والأوبئة التي أدت إلى موت أبنائه وزوجته وأحبته.
وفي ظل ظروفنا الراهنة في بلاد المشرق العربي، رحل عن سوريا كثير من أبناء و أحفاد هذا المهاجر الجزائري إلى مختلف أطراف الأرض، وأنجب بعضهم أبناءاً لا يعلمون عن نسبهم الكثير وبعضهم لا يتكلم لغة آبائهم وأجدادهم. لذلك وجب علينا أن نتمم ما أبتدأه جدنا حسن عبدالله، عرفاناً بفضله علينا، بأن ننشر لكم هذه الوثيقة الإرث التي تفانى في الحفاظ عليها حتى مماته.
الموقع هذا مخصص بالأساس لذرية حسن عبدالله، ولكننا نرحب بجميع زوارنا، وخصوصاً أولائك الذين قد تربطهم بنا قرابة، أو أولائك المنحدرون من تلك الأسر[1] [2] التي ما تزال تقطن [3] أرض الجزائر والمغرب وتونس ومصر و دمشق والقدس سواء من العرب أو الأمازيغ أو البربر أو قبائل زواوة والذين ربما تم ذكرهم في شجرة النسب أو مما سُرد على هذا الموقع.
وقد ترجمنا بعض أجزاء الموقع إلى الإنجليزية كي يتسنى للأحفاد الذين لا يقرؤون اللغة العربية من الإضطلاع على أصلهم ومنبتهم.
جدنا حسن عبدالله بن على بن الحاج على
أبو جدنا حسن عبدالله : على بن الحاج على (الجزائري)
وصل الينا هذا المخطوط ملفوفاً بعناية ومحفوظا باسطوانة معدنية متدلية من عنق جدنا حسن عبدالله بن على بن الحاج على (1905 – 1973) والذى أتى مبحراً من الجزائر إلى سوريا مع عمته وقد كان طفلاً وحيداً يتيماً.
قررت عمته الهجرة مصطحبة ابن أخيها البالغ من العمر ثماني سنوات إلى دمشق. لا بد أنها قررت اللجوء إلى دمشق لأن الهجرة من المغرب العربي إلى العالم الإسلامي في بلاد الشام كان رائجًا بعد عقود من الاستعمار الفرنسي للجزائر 1830 – 1962 والإعلان عن الجزائر الفرنسية.
تعرض الجزائريون للقمع والسجن والقتل والتشريد إذا ما قاوموا أو رفضوا مستعمريهم. لكنهم قاوموا وثاروا وضحّوا لعقود طويلة منذ بدايات الغزو الفرنسي، فقادت لالة فاطمة نسومر ثورتها الشعبية منذ 1854 وقاد الشيخ المقراني ثورة في 1871، وكذلك قام الأمير عبد القادر الجزائري بثورة ضدهم بعد أن انتخبته مجمل قبائل الجزائر كزعيم لهم وللمقاومة عام 1832.
بعد صراع طويل، تم أسر الأمير ونفيه ورفاقه وعائلاتهم إلى دمشق. أدى ذلك إلى موجة نزوح إلى بلاد الشام ، خاصة عندما قررت فرنسا تفعيل قانون الخدمة العسكرية والتجنيد الإجباري على الشبان الجزائريين وإرسالهم إلى مستعمراتها العديدة. كما أن حملات التنصير وإلغاء الانتماء والفقر والضرائب الثقيلة قد أثرت أيضًا في قرار الهجرة بالنسبة للكثيرين الذين كان همهم الحفاظ على سلامتهم وسلامة وعقيدتهم.
ولد حسن عبدالله في قبائل زواوة في عزازقة ضمن ولاية تيزي وزو وكان يتحدث في صغره اللغة الأمازيغية. يقال أن والديه علي وذهبية كانا قد توفيا في صغره بسبب أحداث عنف وقعت بين القبائل، فهربت به عمته أخت أبيه إلى جبال القبائل المجاورة ومكثت لحين، ثم أكملت به إلى دمشق التي كان قد استقرت بها جالية جزائرية كبيرة. وفي دمشق، نزلا في منطقة نولة وسط بساتين الغوطة خارج المدينة ضمن مجتمع جزائري كبير. ولما كبر انتقل إلى “حارة المغاربة” داخل دمشق إلى جانب من سبقهم من المهاجرين الجزائريين الآخرين. وقد اعتاد أن يتنقل بين نولة و حارة المغاربة آنذاك على ظهور الخيل لإنعدام وسائل المواصلات.
ساعدت السلطات العثمانية في الشام بتوطين المهاجرين المغاربة على أراضي سورية، والتي شملت تأمين المسكن وتقديم المساعدات العينية بعد أخذ ضمانات مُحافظتهم على التبعية العثمانية و الإلتزام بقوانين الدولة.
أستقر مهاجرون جزائريون آخرون داخل دمشق فيما سمي لاحقًا بحي المغاربة (حارة المغاربة). وفي نهاية المطاف تزوج جدنا حسن عبدالله واستقر هناك حيث استلم مهام المختار لبعض الوقت بعد وفاة والد زوجته محمود عثمان باشا.
حافظ حسن عبدالله على شجرة العائلة بحيث أن منع إخراجها من محفظها بدون داع، فبقيت سالمة حتى يومنا هذا. مازالت شجرة النسب في حفظ العائلة بدمشق ونعرض على هذا الموقع الصور التي أُخذت لها في إحدى زياراتنا السابقة إلى دمشق في العام 2010.
الأسطوانة المعدنية الأصلية التي حوت الوثيقة
السيدة المحامية عزيزة بنت حسن عبدالله ممسكة بشجرة عائلتها في دمشق 2010
عمد الاستعمار الفرنسي بشكل منهجي إلى طمس السجلات المدنية الجزائرية وتغيير أسماء العائلات الجزائرية. بعد استقلال الجزائر، أخذ الفرنسيون تلك السجلات معهم إلى فرنسا وماطلوا منذئذ بالإفراج عنها للسلطات الجزائرية، مما أدى إلى استمرار معاناة تلك العائلات التي ضاع نسبها حتى الآن. ومن هنا نذكِّر بأهمية شجرة النسب خاصتنا هذه.
لأكثر من ألف عام، استُخدِمت اللغة العربية في سوريا في جميع المعاملات الرسمية، إلى أن اتى اليوم الذي قرر فيه الفرنسيون إستبدالها بلغتهم مع أن أحداً من العامة في سوريا لا يفهمها.
يمثل السجل المدني الموضح جانباً والذي أصدرته السفارة الفرنسية في دمشق، سلوكًا استعماريًا نموذجيًا بحيث أن تم إصدار السجل بلغة المستعمر بدلاً من اللغة العربية. ولم ينتبه جدنا حسن عبدالله على الخطأ الفادح في مكان وتاريخ تولّده وذلك لعدم فهمه اللغة الفرنسية.
فاطمة الزهراء زوجة حسن عبدالله
ولدت فاطمة الزهراء (1925– 1999) و أخيها محمد زهير الباشا (1931– 2019) في دمشق لأب جزائري مهاجر يدعى محمود عثمان باشا الجزائري (1889– 1958) وأم سورية دمشقية تدعى عزيزة غلبان (1900– 1982)
وكانت فاطمة الزهراء الزوجة الثانية لجدنا حسن عبدالله. وقد أنجبت له خمسة عشر من الأبناء. قد يستهجن المرء هذا العدد الكبير من الأبناء ولكن قد نلتمس لهما العذر إذا علمنا أن حسن عبدالله، الطفل الأوحد واليتيم، المهاجر إلى دمشق، قد خسرالكثير بفقدانه جميع أهله في الجزائر ومن ثم بوفاة زوجته الأولى فاطمة بنت محمد بن علي سعيد جزائري و أبنه البكر محمود و أبنته فوزية، والناجم عن إنعدام الخدمات الصحية في عهد الإستعمار الفرنسي. فقام و زوجته الثانية فاطمة الزهراء بإنجاب الكثير من الأبناء على أمل أن ينجو البعض منهم. وبالفعل توفي له إبن و أبنة فقط ونجى الباقون.
و رغم قلة ذات اليد كبر الأبناء والبنات و درسوا جميعا و تخرج بعضهم من جامعة دمشق بإختصاصات مختلفة. وأنجب هؤلاء الأبناء و البنات الكثير من الأحفاد الذين بدورهم انتشروا في اسقاع الأرض، بعضهم على قوارب الموت، بسبب قسوة الحياة و البعض بسبب الحروب التي لاتنتهي والتي ما تزال تدار بأيدي المستعمرين السابقين وأقرانهم ووكلائهم.
جزائريون من الجزائر و جزائريون فرنسيون. محاكم فرنسية على أرض سورية
بعد وفاة زوجته الأولى و ابنه وابنته، حاول جدنا حسن عبدالله أ ن يحصل على إرثه من أملاك زوجته الأولى فاطمة (فرنسية الجنسية 1911 – 1939) وابنته فوزية (فرنسية متوفاة 1939) والمتمثلة بقطعة أرض في منطقة نولة بالغوطة شرقي دمشق، كانت قد ورثتها عن أبيها محمد (جزائري الجنسية 1888 – 1924) بن علي بن سعيد بلعيد (جزائري أيضاً 1860 – 1920) والذي كان متزوجاً من سيدة تدعى فضة (فرنسية الجنسية). في تلك الأثناء طُبق قانون الميراث الفرنسي على الأراضي السورية باعتبارها دولة إحتلال و باعتبار أن بعض الورثة فرنسيي الجنسية، رغم أنهم مسلمون جزائرييون، كما هو وارد في المذكرة المرفقة جانباً.
ولكن بعد استقلال سوريا ورحيل المستعمر الفرنسي منحت الجنسية السورية للمهاجرين الجزائريين و تم تفعيل قانون الميراث السوري المنسجم مع قوانين الميراث الإسلامية واللتي عملت بها شعوب المنطقة على مدى 1400 عام. فقام جدنا حسن عبدالله مرة أخرى عام 1969 بالتقدم بطلب حصر الإرث أمام المحاكم السورية وذلك تمهيدً للحصول على حقه من ميراث زوجته الأولى كما هو وارد في صورة الطلب هذه. ولكن يبدو أن محاكم سوريا، شأنها شأن محاكم المستعمرين، عطلت نقل ملكية الأرض حتى الآن *.
* بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة عبر سنوات طويلة، مازال ورثة حسن عبدالله غير قادرين على الحصول على أراضيهم بسبب العديد القوانين الأخرى المعطلة.
محمود عثمان باشا الجزائري
، هو والد فاطمة الزهراء الباشا و محمد زهير الباشا ومختار مغاربة دمشق. ولد في مكة المكرمة عام 1889. هرب من ولاية تبسة في الجزائر إلى بيروت عبر البحر ومنها ركب الخيل إلى دمشق حيث استقر إلى حين وفاته عام 1958. أضطر إلى مغادرة الجزائر على عجل لإقتراب الجنود الفرنسيين من الإمساك به بسبب مساعداته المستمرة للثوار الجزائريين و خصوصاً أنه كان من عائلة إقطاعية منحدرة من أعيان ونبلاء الجزائر العثمانية.
تزوج محمود عثمان باشا من سيدة دمشقية تدعى عزيزة غلبان (1900– 1982) والتي كان لها أن تزوجت بغيره عندما كانت صغيرة، ولكنها انفصلت عن زوجها الأول لسوء معاملته دون أن تنجب منه.
ترك محمود باشا خلفه أخيه الأكبر علاوة عثمان باشا في تبسة والذي أنجب ابنة واحدة فقط وله حفيدة تدعى فوزية بن عباس. أوكل محمود باشا إدارة أملاكه لأمين سره ويدعى قصري مسعود والذي حافظ على الأمانة واستمر بإرسال الحوالات المالية من ريع الأراضي والأملاك إلى محمود باشا في دمشق، إلى أن قررت حكومة الجزائر الإشتراكية بعد الإستقلال، بمنع إصدار الحوالات إلى الخارج.
عمل محمود عثمان باشا مجمل حياته كمختار للمغاربة في دمشق، حيث اهتم بسلامة رعيته. يذكر أنه كان يصدر سجلات للجالية الجزائرية بأسماء مستعارة كي يبرزها لجنود الإحتلال الفرنسي في حال ما كانوا يبحثون عن شخص ما. أما الأسماء الحقيقية فقد أحتفظ بها في بيته و استخدمت هذه القوائم فيما بعد لإدراج الجالية الجزائرية في سجلات الدولة السورية بعد استقلالها.
توفي محمود باشا ودفن في دمشق عام 1958 قبل استقلال الجزائر عام 1962. و قام جدنا حسن عبدالله بزيارته في مقبرة الباب الصغير ليخبره، حسب وصيته، بأن الجزائر قد نالت حريتها. وأنه قد عمت الفرحة و الإحتفالات بالإستقلال خان المغاربة في السويقة حيث كان يعمل على شؤون رعيته.
مهاجرون ناجحون مندمجون بمجتمعهم الجديد
بعد الثورة العربية الكبرى و تقاسم دول المشرق بحسب الإتفاق المشؤوم سايكس – بيكو ،أحتلت فرنسا سوريا و أقتطعت منها لبنان و بهكذا يكون قدتمكن المستعمر الفرنسي من اللحاق بجدنا حسن عبدالله إلى سوريا حيث فرض المستعمرون الجدد لبلاد الشام على المهاجرين المغاربة التبعية للجيش الفرنسي رغماً عنهم بإعتبار انهم أصلاً كانوا قد قدموا من أراضي الجزائر والتي قررت فرنسا حينذاك وبشكل منفرد بأنها أراضٍ فرنسية.
أُرسل حسن عبدالله إلى برج القشلة (مقرا لحكومة الانتداب الفرنسي، حالياً السراي الكبير في بيروت) ليخدم في الجيش الفرنسي ثم أُرسل إلى مصياف السورية وسط رفض شعبي للاحتلال. و لخوفهم على أنفسهم، وضع جدنا وزملائه أنابيب مداخن التدفئة من فتحات النوافذ لإيهام السكان المحليين بأنها مدافع. عندما اقتربت هزيمة فرنسا في حربها العالمية، أخذ العساكر المغاربة بالهروب من الجيش الفرنسي ومن ضمنهم جدنا حسن عبدالله.
كلهم من جزائريي دمشق
إالى أقصى اليسار الأستاذ والكاتب الأديب محمد زهير الباشا (1931 – 2019) والذي توفي في منفاه في الولايات المتحدة الأمريكية و إلى أقصى اليمين المحامي أحمد الحسني وقد كان من أعلام دمشق. كلاهما من أقرباء جدتنا فاطمة الزهراء الباشا.
إلى الوسط ثلاثة من الجنود المغاربة في جيش الإحتلال الفرنسي، نذكر منهم الى أقصى اليسار محمود العيساوي.
قامت الحروب ورحل البشر. زال المُلك وغابت الحقوق. ولكن يبقي لنا هذا الإرث الذي كتبه لنا أسلافنا ليخبرونا من نحن ومن أين أتينا وليقصّوا علينا حكايات حلّهم و ترحالهم على مدى أكثر من 1400 عام.
فكيف يعرّف أبناء حسن عبدالله وفاطمة الزهراء الباشا بأنفسهم ؟
لقد طرحنا هذا السؤال عدة مرات ، وكانت الإجابة متسقة دائمًا: “أنا سوري” أو شيء مثل “أنا من الشام (دمشق)” ، ثم يليه بالتأكيد شيء من قبيل التوضيح: “نشأت في حي المغاربة بدمشق ، لأنني جزائري. كما ترون ، والداي من أصل جزائري “.
- هل انت عربي ؟
- “نعم. ربما. أعتقد أنني أيضاً من الأمازيغ. عندما كنا صغارًا، كان والدنا يتحدث بالقبائلي (لغة القبائل) مع أصدقائه المغاربة وليس باللغة العربية. لم نكن نفهم شيئا وكذلك والدتنا. ما أعرفه أنني وُلدتٌ في سوريا لأبوين جزائريين. كانت جدتنا أم أمنا شامية من دمشق ، لذا كانت سورية، ولكن زوجها، أي جدنا لأمنا، كان باشا جزائري من تبسّة. قد يكون من أصول عربية وقد يكون من الكراغلة. أما والدي أبينا فقد ولدا وماتا في الجزائر. لانعلم ما نحن بالضبط لأننا لم نسأل والدينا قط، نحن سوريون من أصل جزائري”.
من الواضح أن هذا محير، لذا قام أحد ذرية حسن عبدالله بإجراء اختبار الحمض النووي الذي أكّد على أن بني عبدالله في سوريا ينحدرون بالأخص من قبائل الأمازيغ التي استوطنت ولاية تيزي وزو خلال المئتي عام المنصرمين على الأقل.
ندعوكم لمطالعة صفحة شجرة النسب و مشاركتنا بتعليقاتكم واقتراحاتكم. كما بإمكانكم الإتصال بنا عبر البريد الالكتروني إن أحببتم
أحدث التعليقات